قال:
الطويل
سَما لَكَ شَوقٌ مِن نَوارٍ وَدونَها سُوَيقَةُ وَالدَهنا وَعَرضُ جِوائِها
وَكُنتُ إِذا تُذكَر نَوارُ فَإِنَّها لِمُندَمِلاتِ النَفسِ تَهياضُ دائِها
وَأَرضٍ بِها جَيلانُ ريحٍ مَريضَةٍ يَغُضُّ البَصيرُ طَرفَهُ مِن فَضائِها
قَطَعتُ عَلى عَيرانَةٍ حِميَرِيَّةٍ كُمَيتٍ يَئِطُّ النِسعُ مِن صُعَدائِها
وَوَفراءَ لَم تُخرَز بِسَيرٍ وَكيعَةٍ غَدَوتُ بِها طَيّاً يَدي في رِشائِها
ذَعَرتُ بِها سِرباً نَقِيّاً كَأَنَّهُ نُجومُ الثُرَيّا أَسفَرَت مِن عَمائِها
فَعادَيتُ مِنها بَينَ تَيسٍ وَنَعجَةٍ وَرَوَّيتُ صَدرَ الرُمحِ قَبلَ عَنائِها
أَلِكني إِلى ذُهلِ بنِ شَيبانَ إِنَّني رَأَيتُ أَخاها رافِعاً لِبِنائِها
لَقَد زادَني وُدّاً لِبَكرِ بنِ وائِلٍ إِلى وُدَّها الماضي وَحُسنِ ثَنائِها
بَلاءُ أَخيهِم إِذ أَنيخَت مَطِيَّتي إِلى قُبَّةٍ أَضيافُهُ بِفِنائِها
جَزى اللَهُ عَبدَ اللَهِ لَمّا تَلَبَّسَت أُموري وَجاشَت أَنفُسٌ مِن ثَوائِها
إِلَينا فَباتَت لا تَنامُ كَأَنَّها أُسارى حَديدٍ أُغلِقَت بِدِمائِها
بِجابِيَةِ الجَولانِ باتَت عُيونُنا كَأَنَّ عَواويراً بِها مِن بُكائِها
أَرِحني أَبا عَبدِ المَليكِ فَما أَرى شِفاءً مِنَ الحاجاتِ دونَ قَضائِها
وَأَنتَ اِمرُؤٌ لِلصُلبِ مِن مُرَّةَ الَّتي لَها مِن بَني شَيبانَ رُمحُ لِوائِها
هُمُ رَهَنوا عَنهُم أَباكَ فَما أَلوا عَنِ المُصطَفى مِن رَهنِها لِوَفائِها
فَفَكَّ مِنَ الأَغلالِ بَكرَ بنَ وائِلٍ وَأَعطى يَداً عَنهُم لَهُم مِن غَلائِها
وَأَنقَذَهُم مِن سِجنِ كِسرى بنِ هُرمُزٍ وَقَد يَئِسَت أَنفارُها مِن نِسائِها
وَما عَدَّ مِن نُعمى اِمرُؤٌ مِن عَشيرَةٍ لِوالِدِهِ عَن قَومِهِ كَبَلائِها
أَعَمَّ عَلى ذُهلِ بنِ شَيبانَ نِعمَةً وَأَدفَعَ عَن أَموالِها وَدِمائِها
وَما رُهِنَت عَن قَومِها مِن يَدِ اِمرِئٍ نِزارِيَّةٍ أَغنَت لَها كَغَنائِها
أَبوهُ أَبوهُم في ذَراهُم وَأُمُّهُ إِذا اِنتَسَبَت مِن ماجِداتِ نِسائِها
وَما زِلتُ أَرمي عَن رَبيعَةَ مَن رَمى إِلَيها وَتُخشى صَولَتي مِن وَرائِها
بِكُلِّ شُرودٍ لا تُرَدُّ كَأَنَّها سَنا نارِ لَيلٍ أوقِدَت لِصِلائِها
سَتَمنَعُ بَكراً أَن تُرامَ قَصائِدي وَأَخلُفُها مَن ماتَ مِن شُعَرائِها
وَأَنتَ اِمرُؤٌ مِن آلِ شَيبانَ تَستَقي إِلى دَلوِكَ الكُبرى عِظامُ دِلائِها
لَكُم أَثلَةٌ مِنها خَرَجتُم وَظِلُّها عَلَيكُم وَفيكُم نَبتُها في ثَرائِها
وَأَنتَ اِمرُؤٌ مِن ذُهلِ شَيبانَ تَرتَقي إِلى حَيثُ يَنمي مَجدُها مِن سَمائِها
وَقَد عَلِمَت ذُهلُ بنُ شَيبانَ أَنَّكُم إِلى بَيتِها الأَعلى وَأَهلُ عَلائِها
وقال أيضاً:
الطويل
أَبيتُ أُمَنّي النَفسَ أَن سَوفَ نَلتَقي وَهَل هُوَ مَقدورٌ لِنَفسٍ لِقاؤُها
وَإِن أَلقَها أَو يَجمَعِ اللَهُ بَينَنا فَفيها شِفاءُ النَفسِ مِنّي وَداؤُها
أُرَجّي أَميرَ المُؤمِنينَ لِحاجَةٍ بِكَفَّيكَ بَعدَ اللَهِ يُرجى قَضاؤُها
وَأَنتَ سَماءُ اللَهِ فيها الَّتي لَهُم مِنَ الأَرضِ يُحيِي مَيِّتَ الأَضِ ماؤُها
كِلا أَبَوَيكَ اِستَلَّ سَيفَ جَماعَةٍ عَلى فِتيَةٍ تَلقى البَنينَ نِساؤُها
فَما أُغمِدَ حَتّى أَنابَت قُلوبُهُم وَسَمَّحَ لِلضَربِ الشَآمي دِماؤُها
لِنِعمَ مُناخُ القَومِ حَلّوا رِحالَهُم إِلى قُبَّةٍ فَوقَ الوَليدِ سَماؤُها
بَناها أَبو العاصي وَمَروانُ فَوقَهُ وَيوسُفُ قَد مَسَّ النُجومَ بِناؤُها
فَإِن يَبعَثِ المَهدِيُّ لي ناقَتي الَّتي يَهيجُ لِأَصحابي الحَنينَ بُكاؤُها
وَإِن يَبعَثوها بِالنَجاحِ فَقَد مَشَت إِلَيكُم عَلى حَوبٍ وَطالَ ثَواؤُها
وَإِنَّ عَلَيها إِن رَأَت مِن غِمارِها ثَنايا بِراقٍ أَن يَجِدَّ نَجاؤُها
وقال أيضاً:
الطويل
عَجِبتُ لِرَكبٍ فَرَّحَتهُم مُليحَةٌ تَأَلَّقُ مِن بَينِ الذَنابينِ فَاِلمِعا
فَلَم نَأتِها حَتّى لَعَنّا مَكانَها وَحَتّى اِشتَفى مِن نَومِهِ صاحِبُ الكَرى
فَلَمّا أَتَينا مَن عَلى النارِ أَقبَلَت إِلَينا وُجوهُ المُصطَلينَ ذَوي اللَحى
فَلَمّا نَزَلنا وَاِختَلَطنا بِأَهلِها بَكوا وَاِشتَكَينا أَيَّ ساعَةَ مُشتَكى
تَشَكّوا وَقالوا لا تَلُمنا فَإِنَّنا أُناسٌ حَرامِيّونَ لَيسَ لَنا فَتى
وَقالوا أَلا هَل مِن فَتىً مِثلَ غالِبٍ وَأَيّايَ بِالمَعروفِ قائِلُهُم عَنى
وَوَسطَ رِحالِ القَومِ بازِلُ عامِها جَرَنبَذَةُ الأَسفارِ هَمّاسَةُ السُرى
فَلَمّا تَصَفَّحتُ الرِكابَ اِتَّقَت بِها أُريدُ بَقِيّاتِ العَرائِكِ في الذُرى
أَقولُ وَقَد قَضَيتُ بِالسَيفِ ساقَها حِرامَ بنِ كَعبٍ لا مَذَمَّةَ في القِرى
فَباتَ لِأَصحابي وَأَربابِ مَنزِلي وَأَضيافِهِم رِسلٌ وَدِفءٌ وَمُشتَوى